للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس هنا إشارة إلى تحريك الياء من هذه الأحرف بله فتحها كما قلنا ونضيف إليه هنا أنه ليس في حاشية الصبان على الشرح المذكور شيء من هذا. وصنيع النحاة عندئذ يدل على بقاء سكون الياء من هذه الأحرف - (هذين وهاتين واللذين واللتين) - في حالتي النصب والجر عند تشديد النون فيها بآية ما يقرنون ذكر تشديد النون فيها بذكر إحدى القراءات السبعية كما رأينا فيما نقلناه عن الأشموني، والقراءة المذكورة هنا قراءة ابن كثير المكي وفيها المحافظة على سكون الياء من هذه الأحرف عند تشديد النون فيها مع طرق له في أدائها كما يدل على ذلك ما ذكره الصفاقسي عنها عند الحديث عن قوله الله تبارك وتعالى في سورة القصص: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} الآية، فقال [٥] : " (هاتين) قرأ المكي بتشديد النون والباقون بالتخفيف ويجوز للمخفف والمشدد لدى الوقف عليه المدّ، والتوسط، والقصر؛ ويجوز الثلاثة للمكيّ حالة الوصل؛ والقصر هو مذهب الجمهور." وكذلك ما ذكره عند الحديث عن قول الله تبارك وتعالى في سورة (فصلت) : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا} الآية فقال:" {أَرِنَا الَّذَيْنِ} قرأ المكي الذينِّ بتشديد النون وله فيها المدّ، والتوسط والقصر الخ ".

هذه هي قراءة ابن كثير لهذه الأحرف كما وصفت لنا حافظ فيها على سكون الياء مع شيء من المدّ والتمكين في هذه الياء الساكنة أو التوسط فيها أو القصر دون أن يخرج بها عن حاقِّ السكون إلى الحركة.

وإذ كانت قراءة ابن كثير لهذه الأحرف عند تشديد النون، كذلك؛ وإذ ما في كتب النحو ما يخافها تصريحاً أو تلميحاً فالظاهر عندنا أن يكون حكم النحوي حينئذٍ وجوب المحافظة على إسكان الياء عند تشديد النون من هذه الأحرف لا تحريكها بَلهَ فتحها. والله تعالى أعلم.

الموضع الثاني