أن الإيمان بالرسول يتم بمجرد دعوى الإيمان، والقول باللسان؛ وتأتي في هذا المعنى آية أخرى، تهدد أولئك المدعين المخالفين عن أمره بالفتنة والعذاب الأليم:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[٦] ، وقد فسر بعض أهل العلم الفتنة هنا، بالزيغ والإلحاد، لقاء رده لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا تكرر منه ذلك، والله أعلم؛ وبهذه الأساليب المتنوعة يدعو القرآن الناس إلى الإيمان بالسنة، والعمل بها، وأنها هي والقرآن، هما الأساس حقاً لهذا الدين. وإذا كان الإيمان بالرسول أصلاً من أصول الإيمان، فإن الإيمان بسنته، جزء لا يتجزأ عن الإيمان به، عليه الصلاة والسلام، لأنه صاحب السنة، ولأن الإيمان – كما يعرفه الإمام ابن القيم:"هو حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام علماً، والتصديق به عقداً، والإقرار به نطقاً، والانقياد له، محبةً وخضوعاً، والعمل به ظاهراً أو باطناً، وتنفيذه، والدعوة إليه بحسب الإمكان ".
وكما له في الحب في الله والبغض في الله، والعطاء لله والمنع لله، وأن يكون الله وحده معبوده؛ والطريق إليه، تجريد متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، وتغميض عين القلب عن الإلتفات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالله التوفيق.
وبعد: فأنت ترى أن الإمام ابن القيم رحمه الله، يجعل تجريد متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام، طريقاً إلى حقيقة الإيمان.