إعلام الله لأنبيائه ما يريد إعلامهم، يكون بطرق ثلاثة، وقد أشار القرآن إلى هذه الطرق، حيث يقول عز وجل:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}[١٤] .
أولاً
: المراد بقوله تعالى {إِلاَّ وَحْياً} : الإعلام، الذي هو الإلهام: وهو إلقاء المعنى المراد في قلب نبي من أنبيائه، حتى يفهمه جيداً، ويقطع بأنه من عند الله.
ثانياً
: الكلام من وراء حجاب، كلاماً حقيقياً، يقطع بأنه سمع كلام ربه الذي كلمه كيف شاء، دون أن يراه، كما حصل لنبي الله وكليمه موسى عليه السلام في أول بدء الوحي، حيث قال:{نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ}[١٥] ، حتى سمع سماعاً حقيقياً، ولكن دون رؤية؛ وكذلك عند مجيئه للميقات، حيث يقول الله سبحانه:{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[١٦] ؛ وقد حصل هذا النوع لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ليلة المعراج، عندما فرض الله عليه وعلى أمته الصلوات الخمس، والقصة معروفة ولا حاجة لسردها.
ثالثاً
: إعلام الله لنبي من أنبيائه ما يريد تبليغه بواسطة الملك "جبريل "، وهذا النوع هو الغالب والأكثر وقوعاً، وقد كان جبريل يأتي النبي عليه الصلاة والسلام بأشكال وصور مختلفة، إذ كان يأتيه أحياناً، متمثلاً بصورة الصحابي الجليل (دحية الكلبي) ، وربما جاء بصورة أعرابي، وقد رآه مرتين على صورته الحقيقية: مرة عند غار حراء، حيث كان يتحنّث قبل الوحي، ومرة عند سدرة المنتهى في ليلة الإسراء والمعراج؛ وقد لا يرى النبي عليه الصلاة والسلام الملك أحياناً، وإنما يسمع عند قدومه دوياً كدوي النحل، وصلصلة شديدة، فتعتريه حالة روحية غير عادية.