ثم أخرج البيهقي بسنده عن شبيب بن أبي فضالة المكي:"أن عمران بن حصين رضي الله عنه ذكر الشفاعة، فقال رجل من القوم: يا أبا نجيد، إنكم تحدثوننا بأحاديث لم نجد لها أصلاً في القرآن!! فغضب عمران فقال للرجل: قرأت القرآن كله؟!! قال: نعم. قال: هل وجدت فيه صلاة العشاء أربعاً، ووجدت المغرب ثلاثاً، والغداة ركعتين، والظهر أربعاً، والعصر أربعاً؟!! قال: لا. قال: عمن أخذتم ذلك؟!! ألستم عنا أخذتموه؟ وأخذناه عن النبي عليه الصلاة والسلام؟!! ثم قال: أوجدتم في القرآن من كل أربعين شاة، شاة؟!! وفي كل كذا بعير، كذا، وفي كل درهم كذا؟!! "إلى آخر ذلك الحوار الحاد الذي أفحم فيه الصحابي الجليل ذلك السائل، الذي تجرأ فسأل ما ليس له، فاستحق التوبيخ والتأديب وفي الوقت نفسه، يدل على مدى ما يكنه سلفنا الصالح، من تقديرهم للسنة النبوية، والذود عنها، ومحبتها، وما من شك أن محبة سننه من محبته عليه الصلاة والسلام، ومحبته من أسس الإيمان، كما لا يخفى؛ والمحبة الصادقة، إنما تتمثل في الاهتمام بسنته علماً وعملاً، وتقديرها والإحتجاج بها، والذود عنها بكل سلاح ممكن ومتيسر.