سادسا ً: الحج، ولو تركنا بحث الصيام لننتقل إلى الحج، لوجدنا القرآن الكريم، يعلن بوجوب الحج بقوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ، وهي الآية التي نزل بها وجوب الحج، على الصحيح عند أهل العلم، ولم يكتف القرآن بإعلان وجوب الحج فقط، بل قد ذكرت عدة أحكام من أحكام الحج في سورة البقرة؛ كالإفاضة من عرفة، وذكر الله عند المشعر الحرام، وحكم من تعجل في يومين ومن تأخر إلى اليوم الثالث، والطواف بالبيت العتيق، وغير ذلك، فتولت السنة بيان بقية الأحكام التي لم يرد ذكرها في القرآن، وهي أحكام كثيرة جداً، وردت في أحاديث صحاح في مقدمتها حديث جابر بن عبد الله المعروف لدى طلاب العلم، ذلك الحديث الذي شرح بوضوح صفة حجة النبي عليه الصلاة والسلام، وقد ألف كثير من أهل العلم على ضوئه رسائل وكتابات في مناسك الحج بعد أن ضموا إليه أحاديث أخرى، اشتملت على أحكام، لا يستغني عنها، وهذا الباب من الأبواب التي استفاضت فيها السنة بالبيان والتوضيح، قولية أو فعلية، كما لا يخفى على طلاب العلم – فبالسنة عرفنا كيف نحرم؟ وما الذي يحرم علينا بالإحرام؟، وبها عرفنا كيف نطوف، وبها عرفنا السعي، وكيف نسعى: من أين نبدأ وإلى أين ننتهي؟ وأين نقف يوم عرفة، وكيف ومتى؟ إلى آخر أعمال الحج، ولست أدري كيف يحج (الهوائيون) الذين سموا أنفسهم (بالقرآنيين) ما أضلهم! وما أبعدهم عن الصواب!! وسيأتي الحديث معهم إن شاء الله.