للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه العناصر جميعاً تخضع لسنن معينة، وليست وليدة المصادفة، بحيث تركب هي نفسها، وتنشئ أنظمة ثم تنظم بها نفسها – إن المصادفة لا تقوى على هذا البتة – وهذا يؤكد على وجه القطع أن العالم المادي عاجز عجزاً كاملاً عن أن يخلق نفسه أو يحدد الأنظمة التي ينظم نفسه بها، ومن ثم فلابد أن يكون الخلق قد تم خلقه، ونظم بقدرة خالقٍ قادرٍ مدبرٍ حكيمٍ.

ثالثاً: الكون له بداية وليس أزلياً:

لقد ثبت علمياً من قوانين الديناميكا الحرارية أن هناك انتقالاً حرارياً مستمراً من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة، وأنه لا يمكن أن يحدث العكس بقوة ذاتية بحيث تعود الحرارة فترتد من الأجسام الباردة إلى الأجسام الحارة. ومعنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها حرارة الأجسام وينصب فيها معين الطاقة. ويومئذ لن تكون هناك عمليات كيماوية أو فيزيقية، ولن يكون هناك أثر للحياة نفسها في هذا الكون، ولما كانت الحياة لا تزال قائمة، ولا تزال العمليات الكيماوية والفيزيقية تسير في طريقها، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزلياً، وإلا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد، وتوقف كل نشاط في الوجود. وهكذا توصلت العلوم إلى أن لهذا الكون بداية، وأنه ليس أزلياً. وهي بهذا تثبت وجود الله، لأن ما له بداية لا يمكن أن يكون بدأ نفسه: ولا بد له من مبدئ، خالق، هو ربنا الخلاق العظيم.

رابعاً: عجز العلوم عن تبين مصدر مادة وطاقة هذا الكون:

رغم تقدم العلوم، وتطورها، وكشفها لنا معلومات كثيرة عن المجرات والنجوم والذرات وغير ذلك مما في الكون، فإنها قد عجزت تماماً عن أن تبين لنا مصدر المادة والطاقة التي استخدمت في بناء هذا الكون! فضلاً عن سبب اتخاذ الكون صورته الحالية ونظامه الحالي. إن هذا العجز التام عن البيان يفرض علينا التسليم بوجود إله خالق قادر مدبر حكيم.