الحساب في الدنيا ليس كحساب الآخرة، حساب الآخرة {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} ، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} ، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أما الدنيا فلها حسابات أخرى لم يكتبها رقيب عتيد، لا أريد أن أقدمها إليك، فسوف تراها رأي العين وتلمسها بالأصابع، ستطعمها فتذوقها مرة، وتشمها فتنشقها كريهة، وتسمعها فتصك الآذان.
لا تحزن أيها الزميل الجديد إن خفت بك الموازين في الدنيا وخفت بإخوانك المدرسين، وثقلت موازين ذوي الجهالة في بعض الميادين، وإذا رأيت الناس من حولك أسرعوا وقد أبطأت، فلا تقلب كفيك على ما أنفقت من سنوات طويلة وجهد جاهد في سبيل العلم، فعند الله الجزاء الأوفى! ثروتك في هذه الدنيا ما يضيء في رأسك وصدرك، وهذا المال الذي ما يكاد ينزل في جيبك حتى ينوي الرحيل.
اصبر! اصبر صبرا جميلا! اصبر كما صبر أولو العزم من المدرسين! طريقك وعر طويل، وزادك ذو غصة وقليل! فاستعن بالله وتوكل عليه، وإنه نعم المولى ونعم النصير.