للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إياك أن يتولاك الكذب والغرور!! فتجيب عما تعلم وما لا تعلم، كن صريحا في شجاعة، وقل لا أعلم فيما لا تعلم، إنك إن تجبهم عن جهالة فسوف يتكشّف أمرك ذات يوم، ويبرح الخفاء، وتضيع الثقة بينك وبين طلابك، وتفقد أعز ما يملكه المدرس في دنيا التعليم.

الطلاب في غرف التدريس سواسية، فليس فيهم صديق تواده وتحابيه، ولا عدو تحاده وتجافيه، أقبل بوجهك على القريب والبعيد، وتقبل سؤال الغبي والفطن، وكن شجرة دانية القطوف، طيبة الجنى.

ماذا سيكون نصبك هذا العام؟! وما الذي ستكون عليه غرفة المدرسين في معهدك؟! أتراها تكون كنافخ الكير؟! أم تراها تكون كبائع العطر؟! ومهما يكن من أمر، فأفضل مكان تأوي إليه في حصص الفراغ هو المكتبة، هنالك تنجو من الأحياء، وتخلص إلى جماعة من الموتى، ماتت معهم الأحقاد والأطماع وتفاهات دنياهم، وتركوا وراءهم علما ينفع الناس.

أنت لا تزال في ربيع العمر وشرخ الشباب، فلا تذهبن ساعات فراغك أباديد، وظف شيئا من الفراغ لعمل أدبي، أو دراسة علمية، واترك في عالم الأدب ودنيا العلماء شيئا ذا بال.

لا تنتظر إلى أن تعضك الشيخوخة بأنيابها، ويتقوس الظهر من هرم، فليست الحياة ساعة تديرها في المعصم، ولا ثوبا تلبسه إذا شئت، وتخلعه حينما تريد..

يؤسفني أيها الزميل الجديد أني لم أبلغ بعد ما أردت! إني مشفق عليك، وأخشى أن أفت في عضدك، فتخلد إلى أرض الخمول، وتبقى على الشاطئ نفاية بحر، وأنا الذي أريد أن تحلق في الأجواء البعيدة، وأن تركب الأمواج غير خائف.

ولقد عهدتك ذا قلب سليم، وعزيمة تفري، وغايات تريد بها وجه الله، فدعني إذن أكتب إليك ما تبقى من هذه الرسالة: