فالطرق التربوية والأساليب والحقائق العلمية التي تساعد على تربية الطفل وتحقيق نموه العقلي والنفسي والأخلاقي والجسمي، تستخدم كلها للوصول إلى النمو الذي يؤدي إلى وجود الإنسان الكامل الذي يحقق أهداف الفلسفة التربوية التي تسلكها التربية وتعمل لها. فالتربية تهتم إذن ببناء الفرد من ساعة وجوده على الأرض ليؤدي دوره المرسوم له في الحياة وليكون قادراً على التغلب على العقبات تعترضه والأحداث التي تواجهه ولأن التربية تهتم بالناحية الخاصة بالنمو ولأنها تعمل لتحقيق النمو الكامل للإنسان عقلياً وجسمياً ونفسياً وخلقياً واجتماعياً لهذا كان من تعريفات التربية أنها عملية التكيف بين المتعلم وبيئته، فالإنسان في سبيل وظيفته يعمل على بقائه أولاً ولا يكون ذلك إلا بتوجيه السلوك وتعديله وتكوين العادات الطيبة والإستفادة منها وتنمية القدرات وصقلها. والتربية تعمل على تشغيل أو تحديد هذه الملاءمة بين الكائن الحي برغباته وأهدافه وبين العالم الخارجي بعقباته ومشاكله، وبعبارة أخرى أن هدف التربية كعملية ملاءمة، هو تكييف الكائن الحي مع مشاكل البيئة.
وأياً كانت هذه التعريفات فإنها كما قلنا لم تخرج عن المفهوم الذي تعارفت الأجيال عليه من أنها العمل على بناء الإنسان منذ طفولته ليكون إنساناً سوياً في جوانبه العقلية والروحية والصحية والنفسية والجسدية في ضوء الديانة أو الفلسفة التربوية التي تؤمن بها أمة ما والعقيدة التي تحيا بها بصرف النظر عن صحة تلك العقيدة أو فسادها وهي عندنا تقوم على عقيدة الإسلام التي جاء بها أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم ليربي الإنسان وفق استعداداته وقدراته التي أودعها الله فيه ووفق منهج الله ونظامه وهديه وتربيته التي جعلت القرآن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم، وسلوكه وحياته.