هذه آيات التحدي. يتلوها الناس منذ فجر الإسلام. لقد قرعت آذان الجاحدين مرات ومرات. وعجزوا وما يزالون وسيظلون عاجزين عن الإتيان بمثل القرآن الكريم. أو بمثل عشر سور فقط. أو بمثل سورة واحدة. ودون ذلك خرط القتاد. وذلك أمل بعيد المنال والسورة القصيرة الواحدة ونحوها من الآيات فوق طاقة البشر مهما بذلوا في ذلك من حيلة.
ومما ينبغي أن يعرفه الناس. أن إعجاز القرآن الكريم ليس في ألفاظ أو معانيه فحسب. وإنما جوهر الإعجاز في خصائص في نظم القرآن وراء ألفاظه ومعانيه [١١] . وذلك فوق طاقة الإنس والجن مجتمعين أو متفرقين. ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
وعلى الرغم من أن جوانب إعجاز القرآن الكريم كثيرة أوضحها نظمه الفريد. الذي يقول عنه الزمخشري:"وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حداً يدق عن تفطن العالم ويزل عن تبصره "[١٢] .
فإن هناك جانباً هاماً في الإعجاز وهو صنيعه النفوس المستعدة لمعرفة الحكمة وفصل الخطاب. فلا يسمع المرء كلاماً. يخلص إلى النفس كما يخلص القرآن الكريم إليها. فتحس بروعته وحلاوته. وعظمته ومهابته. وتأمل قوله تعالى:
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[١٣] . وإذا تأملت النفس المؤمنة آيات من كتاب الله تعالى. ازدادت إيماناً. وتأمل قوله تعالى: