والقرآن الكريم تستبشر به النفوس وتنشرح له الصدور {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[١٥] .
وإذا تحدث عن الوعيد. عادت النفوس من مرتاعة قد علاها الوجيب وتغشاها القلق والفرق.!! لقد حال القرآن الكريم بين كثير من النفوس ومضمراتها أيام الجهالة والجحود. فكم من عدو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. من صعاليك العرب وفتاكها. أقبلوا يريدون اغتياله! فإذا بهم يسمعون آيات من الذكر الحكيم فيقول قائلهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا رسول الله لقد كان وجهك أبغض الوجوه إليّ. وكان دينك أبغض الأديان إليّ. فوالله لقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ. وأضحى دينك أحب الدين إليّ ". [١٦](من حديث ثمامة بن أثان) .
وهكذا تصبح عداوتهم موالاة. ويضحي كفرهم إيماناً. إنه صنيع الوحي الإلهي في نفوس البشر. وذلك مالا يتوفر لأي كتاب سوى القرآن الكريم ونظمه الفريد [١٧] ، وتلك دلائل شاهدات على الإعجاز النفسي في القرآن الكريم.
وإذا أمكن أن نشير بإيجاز إلى بعض الذين ملك القرآن عليهم أقطار نفوسهم. وذلك على سبيل المثال لا الحصر – فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
لقد خرج يريد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصل إلى قلبه آيات من سورة طه فتحييه بعد موات. وتضيئه بعد إظلام. فلا يلبث أن يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويضحي الفاروق رضي الله عنه أعظم نفسية إنسانية يقتدي المسلمون بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد الصديق رضي الله عنه. إنه صنيع القرآن الكريم في النفوس الطّاهرة. وإنه الإعجاز النفسي في القرآن الكريم.