ومن هالة الصراع المستمر منذ فجر التاريخ إلى اليوم وإلى الأبد بين الحق والباطل فعليه أن يتذكر قوله تعالى:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ}[٥١] .
وبهذا تستريح نفسه ويوطن نفسه على استمرار هذا الصراع فيسعى إلى الجهاد بنفسه أو بماله أو بما يستطيع! إن التفكر في معاني القرآن يشفي النفوس من أوجاعها وأسقامها. قال تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً}[٥٢] ومن تعرض للفتن فعليه أن يسلك سبيل القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}[٥٣] . ولهذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن مأدبة الله. فتعلموا من مأدبته ما استطعتم "[٥٤] . ويقول جعفر الصادق:"عجبت لأربع كيف يغفلون عن أربع (أي من الدعوات القرآنية) :
عجبت لمن مسه الضر. كيف يغفل عن قوله تعالى:{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} دعا بها أيوب فقال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}[٥٥] .
وعجبت لمن يمكر به الناس. كيف يغفل عن قوله تعالى:{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} والله تعالى يقول عقيبه: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ}[٥٦] .