وعجبت لمن تكاثر أعداؤه كيف يغفل عن قوله تعالى:{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} . دعا بها المسلمون حين قال لهم الناس:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} فقال عز وجل: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ}[٥٧] .
وعجبت لمن أصابه محزن. كيف يغفل عن قوله تعالى:{لا إِلَهَ إِلاَّأَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} . وقد دعا بها ذو النون عليه السلام فاستجاب الله له. كما قال تعالى في كتابه الكريم:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} ولم يكن ذلك له خاصة. لأن الله تعالى يقول:{وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}[٥٨] . وهكذا يتجلى لنا أن القرآن الكريم جوهر الطب النفسي، وأنه معجز إعجازاً نفسياً لا يماثله في هذا المجال أي كتاب في علم النفس أو في غيره. قال تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} إن للقرآن الكريم تأثيراً جوهرياً في النفوس الطاهرة المطمئنة [٥٩] . ولقد صور الشاعر الراحل هاشم الرفاعي كيف يكون القرآن الكريم راحة للنفس. لا ينفع غيره شيئاً على الإطلاق! وحتى في أحلك اللحظات. لحظات الإعدام. فيقول على لسان مظلوم حكم عليه بالإعدام فبعث برسالة إلى أبيه في ليلة التنفيذ منها قوله:
الليل من حولي هدوء قاتل
والذكريات تمور في وجداني
ويشدني ألمي فأنشد راحتي
في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة
دب الخشوع بها فهد كياني
قد عشت أؤمن بالإله ولم أذق
إلا أخيراً لذة الإيمان
ثم يعود إلى التركيز على ما يريح النفوس ويعزيها عن فقد الحياة. على حبل المشنقة. فيولي وجهه جهة عدالة القرآن فيقول لأبيه: