للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد كان العهد المكي خالياً من النفاق لأن المسلمين كانوا مستضعفين فلا دولة ولا مغانم فما كان يدخل في الإسلام إلا من أخلص لله تعالى لا يخشى قوة فيصانعها، ولا يرجو منافع لينالها، بل إن الدعوة في مكة مطاردة، وأتباعها مضطهدون يعذبون بأنواع التعذيب من المشركين لذلك لم يكن إلا إيمان خالص أو كفر صريح، أما بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تغير الحال وأصبح الإسلام قوة تخشى واشتبك المسلمون مع عدوهم في قتال كان لهم النصر من الله تعالى في بدر وما بعد بدر، فدخل المنافقون في الإسلام ظاهراً لمصالح عاجلة. قدروها في أنفسهم تفوت في نظرهم لو لم يتظاهروا بالإسلام، حتى قال عبد الله ابن أُبي بعد بدر:"هنا أمر قد توجه "، فبايع وأسلم هو ومن معه من المشركين، ومن ثم نشأ النفاق في المدينة، ووجدت هذه الطائفة ظاهرها مع الإسلام والمسلمين وباطنها مع الكافرين.

صفات المنافقين:

لقد هتك الله أستار المنافقين، وكشف أسرارهم، وأظهر مخبوء صدورهم، وأخرج أضغانهم وجلى أمرهم لعباده المؤمنين لعظم ضررهم وشدة البلية بهم ليحذروهم، ولألا يتلبسوا ببعض صفاتهم وأنزل فيهم قرآناً يتلى، حتى لتكاد الأصابع أن تشير إلى هذا النموذج المكرور {وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} وفي سورة التوبة من صفاتهم العجب حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما:" مازالت تنزل وصفهم حتى ظننا أنه لا يبقى منا أحد إلا ذكر فيها "رواه أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ.

الكذب: