الكذب هو السمة الظاهرة، والميزة الغلبة على أعمال المنافقين، وهذا الخلق الذميم اختلط باللحم والدم والعصب منهم، وحل في سويداء قلوبهم، فهو شعار أعمالهم ودثارها وهو الذي جرهم إلى الفجور والآثام، فهم كاذبون مع ربهم، وكاذبون مع المؤمنين وكاذبون في الدنيا والآخرة، وكاذبون مع الكافرين وكاذبون مع أنفسهم. أما كذبهم مع ربهم فهو أنهم يعاملون الله تعالى معاملة المخادع لا معاملة المخلص، معاملة الكاذب لا معاملة الصادق، يعملون العمل والشك يأكل قلوبهم، ويقومون بأفعال الخير والمرض مستول على أفئدتهم، يسيرون إلى الله تعالى على حرف الطريق فما أن تقع أرجلهم على حرف الطريق حتى تخرج قال الله تعالى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} أي يظهرون الإيمان بألسنتهم ويعتقدون الكفر بقلوبهم ظانين أن ذلك هو الكياسة والفطنة، وأن عملهم هذا نافعهم عند الله، وأنه يروج عليه كما يروج على بعض المؤمنين، ولو علموا أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً وأنه يعلم السر وأخفى لو علموا ذلك لكان هذا مزدجراً لهم عن مخادعة الله عز وجل، فإن العاقل يأنف أن يخادع مخلوقاً مثله إذا علم أن لديه من العلم ما يعرف به خداعه، ولكن المنافقين لجهلهم وقلة، فقههم وعلمهم وعزوب عقولهم يظنون أن أمرهم على السداد، وأنهم سالكون سبيل الرشاد، فهذه الصلاة أشرف الأعمال وأفضلها إذا قاموا إليها قاموا كسالى متثاقلين كارهين، متباطئين، لأنهم كذبة في معاملة ربهم لا رغبة لهم فيها، ولا خشوع ولا يعقلون معناها، فلا أثر للصلاة عليهم بالبعد عن الفحشاء والمنكر، لا يقومون بأفعال الصلاة إلا كما يقومون بالتمارين الرياضية المحضة، ولذلك كانت صلاة المنافقين جسداً بلا روح، ميتة بلا معنى قال الله تعالى:{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} هذه صفة ظاهرهم، وصفة باطنهم