للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة: "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ".

وأما كذبهم مع المؤمنين فهو إظهارهم محبتهم ومودتهم، وهم في الباطن عدو لهم، وحرب عليهم يتربصون بهم الدوائر، ويبلغونهم الغوائل، يشجون عليهم أن ينفقوا معهم قبضة، أو يضربوا معهم بسوط، لأنهم لا يريدون للإسلام نصرة، ولا لحزب الله رفعة، قال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} وقوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} يفيد أنهم كانوا يتجنبون مجالسة المؤمنين كثيراً، لأنهم لا يأنسون بهم، ولكن إذا جمعهم مكان أو التقوا في طريق على وجه الندرة، قَالُوا آمَنَّا} {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} يفيد أنهم مدفوعون بالرغبة إلى مجالسة شياطينهم وهم اليهود، وأن الأنس والفرح قد تملك قلوبهم، فالإنسان لا يخلو إلا بمن يأنس به وفي غمرة الأنس يبوحون بمخبوء ضمائرهم {إِنَّا مَعَكُمْ} في الباطل والحقيقة {ِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} بهؤلاء السفهاء، لنقف على أخبارهم، ونقضي ما عسى أن يكون من شرهم، وكما إن يحكي القرآن الكريم فعلهم وقولهم حتى يصب عليهم الوعيد المخيف {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} وما أشقى من استهزأ الله به، إنه لا يفلت من العقوبة ولا ينجو من الأخذ والهلكة. وقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:"وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ".