للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن شأن اليمين كبير، فهي تعظيم لله تعالى، لا تكون إلا لأغراض عالية كقطع النزاع بين المتخاصمين وتأكيد الأخبار الصحيحة، ولكن المنافقين اتخذوها وقاية لهم من انكشاف حالهم، وفضيحة أمرهم فهان عليهم اسم الله تعالى، ونزع خوف الله وتعظيمه من قلوبهم كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} والعجب كل العجب أن الوقت الذي تبعثر فيه القبور، ويقوم الناس لرب العالمين، تتجلى للكافرين الحقائق لا يمترون فيها فيقولون فيما ذكر الله عنهم {قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} ويقول تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} أما المنافقون فإنهم في هذا الوقت لا يزالون في ريبهم يترددون ويحلفون لله تعالى كذباً أنهم كانوا طائعين ظانين أن ذلك نافعهم كما كان الحال في الدنيا قال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} فهم كاذبون في الدنيا والآخرة. وهم كاذبون حتى مع أوليائهم الكافرين إن وعدوهم لم يفوا، وإن ضاقت بهم الأمور تخلوا عنهم كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ