للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} فهذه الآيات تبين صفة المنافقين في التحاكم، وفي تقاضي الحقوق، وفي مرجعهم في التنازع فأنت ترى أن طريقتهم مزدوجة مرة إلى الطاغوت، ومرة إلى الوحي، ولكنّ تحاكمهم كثيراً ما يكون إلى الطاغوت وهو الباطل من الكهان أو يهود أو حكم الجاهلية، وقليلاً ما يكون تحاكمهم إلى الوحي كما ذكر الله ذلك بإن الدالة على التقليل في قوله: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} وكما ذكر الله تعالى في قوله: {إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} فهذا يفيد أنهم يقدمون التحاكم إلى الطاغوت، ولا يتحاكمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا عضتهم الشدائد، وأحاطت بهم المصائب وفي أثناء الحكومة يعتذرون من سوء صنيعهم وعدولهم عن كتاب الله وسنة رسوله بالحلف إننا ما أردنا إلا الخير والمداراة والمصانعة هذا حالهم في التحاكم وتلك حالهم في الولاء، والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض أي متشابهون وإن تراخى الزمان وبعدت المسافة، فمنافقوا زماننا أغلظ نفاقاً من المنافقين في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنافقوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يرجعون إلى حكم الله في المصائب، ويتحاكمون إلى الوحي في بعض الأوقات، ومنافقوا زماننا لا يتحاكمون إلى الوحي لا في المصيبة ولا في العافية فيا مسلم سلم فالمنافقون متشابهون إذا قال مؤمن: شريعة الله هي أولى بعباد الله في حكم ما بينهم وفصل خصوماتهم، وإصلاح حياتهم قال المنافقون: هذا إذا كان المواطنون مسلمين أما الآن فإن تحكيم الشريعة يثير حساسية الأقليات غير المسلمة ويعرض البلاد للإنقسام الطائفي، ولكن نوفق بين الشريعة والقانون الوضعي فيكون هناك محاكم شرعية ومحاكم قانونية وضعية {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} ونسوا أن الأقليات