المنافقون متشابهون في الباطل فأفعالهم متماثلة في السعي بالفساد والصد عن سبيل الله وإن تراخى الزمان وبعدت المسافة قال تعالى:{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} ومعنى قوله تعالى: {بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} متفقون في الفعل يشبه آخرهم أولهم ويماثل بعضهم بعضاً يحسبون المنكر حتى يصوروه بصورة المعروف فيقولون عن الخمر إنها المشروب الروحي، وإنها تشحذ الذهن وتكسب القوة، وتحدث نشوة وفرحاً. وعن الدخان: إنه يزيل الهم، ويدخل السرور على القلب، ويجلب صفاء الذهن ويعين على السهو، وعن الربا إنه ضرورة اقتصادية، ومعاملة عالمية، وعن السكوت عن المنكر إنه مصانعة ومداراة للناس وحسن خلق وعن من يخالط الفجار والأبرار بلا إنكار للمنكر إنه أحبى، وينهون عن المعروف فيقولون عن الجهاد في سبيل الله إنه يصم المسلمين بالتعصب ويؤلب عليهم الدول الكبرى، ويهدد مصالح البلاد، وعن الإسلام عامة: إنه قيود ثقيلة وتكاليف شاقة على الإنسان تولد فيه العقد النفسية فهم يحسنون المعصية ويقبحون الطاعة قاتلهم الله أنى يؤفكون؟.
ولعلك قائل: إن صفات المنافقين قد زادت على ما صح عن رسول الله من أن خصال النفاق الكذبُ وخلف الوعد والفجور في الخصومة والغدر فيقال لك إن ما ظننته زائداً داخل في الكذب فإن الكذب هو الذي جرهم إلى الفجور كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ".