للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن الإسلام- لمعرفته لضعف الإنسان وعجزه في كثير من المواطن- يراعي هذه الظروف ويشرع ما يناسبها خفة وتيسيراً على الناس..

فتراه يقول للشخص المريض إذا لم تستطع الصلاة قائماً فصل قاعداً، فإن لم تستطع فصل راقداً، فإن لم تستطع فبالإيماء..

وتراه يقول للمسافر صل قصراً، وإن كنت صائماً افطر، لماذا؟ لمشقات السفر ومتاعبه التي يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيها:"السفر قطعة من العذاب ".

إذن فهو من باب تقدير الظروف لا أكثر.. ومع ذلك فهو يعلق أنظارهم إلى أعلا دائماً فيقول: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [١٧] .

ولعله من المفيد هنا أن نلقي ضوءاً على المشقة وصورتها في الشريعة الإسلامية المشقة نوعان.. نوع محتمل يتلاءم مع طاقة الإنسان وفطرته، وهذه لا يسعى الشرع إلى إسقاطها عن الإنسان أو إزالتها، لأنها نوع من المشقة العادية التي لا تكلف الإنسان رهقاً أو عنتاً، وهي وإن حدث بها نوع تعب في أدائها إلا أنه لا يوجد حرج يصعب تحمله في فعلها، وذلك كسائر الجهود العادية والمشقات المطاقة عند أداء الصوم والحج وغيرهما..

٢- ومشقة خارجة عن طاقه الإنسان وقوة احتماله، وهذه رفعها الله فضلاً وكرماً عن المسلمين. وذلك كالوصال في الصوم، وفرض التهجد ليلاً، قال سبحانه {ُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [١٨] .

ومن أدعية القرآن الكريم التي علمها المؤمنين {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [١٩] .