وأطرق قليلا.. وجعلت أصابعه تعبث على غير هدى في أسفل لحيته التي بلغ عمرها اليوم ستة أشهر وجعل يحدث نفسه: لماذا نسرع في قبول التأويلات الظاهرية لتصرفات هؤلاء السادة!.. إنهم بطبيعة مسلكهم غرباء عن دنيا الناس فلا غرو أن يسيئوا تفسير أحوالهم.. وهذه كتبهم المعتبرة تفيض بأخبار أولياء.. كانوا عجبا في مخالفتهم لظواهر الشريعة والآداب العامة!.. كما طالعه بذلك أمس كتاب (القطب الصمداني) الذي يسميه (الطبقات الكبرى) !.. حتى ليذكر بوضوح أنه قرأ ما قرأ من هذه الغرائب في الصفحة الخامسة والثلاثين بعد المئة ثم الخمسين بعد المئة من جزئه الثاني.. كأنما يطالعها الساعة!..
أجل.. إنها لصور عجيبة من كرامات أهل الله.. يتنكر لها الجاهلون من أهل الظاهر، ولكن أصحاب الباطن هم وحدهم الذين يعرفون، فلا تصرفهم مفارقات الشريعة عن موافقات الحقيقة!..
والشيخ - قدس الله سره - أليس واحد من أولئك الأشخاص الذين اصطفاهم الله من الأمكنة والأزمنة والأشخاص.. فلماذا نجيز لأنفسنا محاسبته على بوادر من كلمات وحركات لا بد أن تكون معانيها فوق مستوى أفهامنا..!
أن من (أدب الطريق) متابعة الشيخ دون التفات.. لأن كل انصرف عنه نزعة من عمل الشيطان.. ولا ريب أن حوادث الشيخ اليوم مع فاطمة لا تعدو أن تكون ضربا من هذه الأحوال الغامضة على أمثالنا، وكل تشكك في شأنها إنما هو ضرب من الوسواس، يطلقه الشيطان في طريقنا لينغص علينا صفاء الاستسلام!.