وصمتت قليلا لتسترد أنفاسها.. ثم رفعت عينيها إلى السماء ضارعة:"يا إلهي!.. لا أحد يصدقني فأنقذني.. أنقذني أنت..! "
-٣-
لم يغمض لأبي جميل جفن طوال ليلته وقد اختلط عليه الأمر بادي الرأي فما يدري أفي يقظة هو أم في حلم متصل..
لقد شلت الخواطر القلقة قواه الواعية فشغلته حتى عن أوراده المنظمة، وهاهي مسبحته ذات ألف حبة مكومة لم تمسها يد وهي المرة الأولى التي يهجرها منذ عدة أشهر!.
إنه ليطلق العنان لتصوراته فيستعيد ما سمعه من فاطمة ثم يحاول أن يحاكمه أو يناقشه فلا ينتهي إلى قرار.. وكيف يستطيع القطع بصحة ما سمع وفي ذلك القضاء على أعز أمانيه وأحب ملذاته الروحية..
ذلك البناء الضخم من الثقة والحب والكرامات، تريد فاطمة أن تحطمه بل تريد أن تمحه بكلمة!. إنه لأمر فوق قدرته.. إنه لا يستطيع الاستسلام في سهولة لهذه التهم التي ربما لا تتجاوز الأوهام ولكن فاطمة.. إنها فاضلة بل آية في الفضل والتقوى.. فكيف يعقل أن ترمي شيخها جزافا بمثل هذه الكبائر؟!.. وإنها لكبائر لو صحت لا سمح الله لطعنت سمعتها هي أيضا!..
مستحيل.. مستحيل أن يفعل الشيخ ذلك!.. مستحيل أن تتهم فاطمة نفسها وشيخها بشيء لم يقع!.. إذن فلا بد أن تكون على توهم.. على خطأ في فهم ما حدث!.