اعترف الإسلام بالواقع البشري على حقيقته، فلم يكبت نوازع الجسد، وشهوات النفس وإنما اعترف بهما من حيث المبدأ، ومن حيث أنهما شعور في النفس لا ينبغي كبته ولا مصادرته، {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}[٣٥]{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[٣٦] .
لكن الإسلام في الوقت نفسه لا يسمح للإنسان أن ينطلق مع هذه الشهوات إلى آخر مدى حتى تستعبده، وتخرج به عن إنسانيته، فيضر بنفسه وبمجتمعه..
وإنما نظم له كيف يستمتع بلذاته في غير ما كبت ولا حرمان..
أ- فبالنسبة للشهوة الجنسية لا ينظر الإسلام إليها على أنها رجس كمن عمل الشيطان كما تذهب إلى ذلك بعض المذاهب المتزمتة، وإنما يقرر الإسلام أن هذا أمر قد زين للناس، فلا نكران له ولا مطاردة ثم يرسم له الطريق المشروع الذي يكون مباحاً في داخله محرماً فيما وراءه، وهو طريق الزواج الذي ندب إليه، وجعله سنة الإسلام، ومنع الرهبانية والإنقطاع للعبادة..
ولما عزم ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على المبالغة في العبادة، ونوى واحد منهم العزوف عن النساء، قام عليه الصلاة والسلام يصحح هذا الفهم الخاطئ ويقول:"أما إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
وبهذا الطريق سلك الإسلام مسلكاً شريفاً نزيهاً، بعيداً عن إفراط المفرطين الذين أباحوا الإختلاط كعلاج للمراهقة والشباب، فشاع في بلادهم الإنحراف والشذوذ والفجور وقتلت معالم الرجولة في شبابهم، وأصبحت أمم الغرب الآن تكاد تحترق بلظى الخيانة والفسق من جراء بعدها عن هدي السماء..