للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما إن دارت السنة دورتها وخرج حجاج المدينة من المسلمين والمشركين إلى موسم الحج، وخرج معهم مصعب بن عمير رضي الله عنه واتصل مصعب برسول الله صلى الله عليه وسلم مع رجال من أهل المدينة بمكة وواعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (العقبة) أيام التشريق، وحج الجميع وقضي الحج، ولما كانت ليلة الميعاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا في نصف الليل يتسللون من رحالهم حتى نزلوا بالشعب عند العقبة ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما هي إلا ساعة وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، حضر وهو مشرك يومئذ ليطمئن على ابن أخيه ويستوثق له من مسلمي المدينة فيما عاهدوه عليه. وتمت بيعة العقبة الثانية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين نحو من ثلاثة وسبعين رجلا من الخزرج والأوس وكانت البيعة بعد أن تكلم العباس أول متكلم فقال: "يا معشر الخزرج: إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه، ومنعة في بلاده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه". فقال الخزرج: "قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.."