فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله تعالى ورغب في الإسلام، ثم قال:"أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون به نساءكم وأبناءكم" وإلى هنا قام البراء بن معرور رضي الله عنه فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا"[٦] وقاطعه أبو الهيثم بن التيهان قائلا: "يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالا وإنا قاطعوها- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الّله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟؟ "فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"بل الدم [٧] الدم الهدم الهدم. أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم". ثم خطب العباس بن عبادة الأنصاري فكرر ما قاله ابن عبد المطلب تقريبا. فقال أهل المدينة:"إنا نأخذه - رسول الله - على مصيبة المال وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك يا رسول الله؟ قال: "الجنة".
عندئذ قالوا أبسط يدك يا رسول الله نبايعك فبسط صلى الله عليه وسلم يده فبايعوه، واختار منهم أثني عشر نقيبا وهم: أسعد بن زرارة وسعد بن الربيع، وعبد الله بن رواحة، ورابع بن مالك، والبراء بن مرور، وعبد الله بن عمرو بن خزام، وعبادة بن الصامت ابن قيس، وعبادة بن الصامت بن دليم بن حارثة، والمنذر بن عمرو بن خنيس. وهؤلاء من الخزرج.
ومن الأوس: أسيد بن حضير بن سماك، وسعد بن خيثمة بن الحارث، ورفاعة بن عبد المنذر بن زبير.
وعاد أهل البيعة إلى المدينة ولم يتخلف منهم إلا سعد بن عبادة حيث أسرته قريش، وذلك أن قريشا لما بلغها بيعة أهل المدينة للرسول صلى الله عليه وسلم على حربها طلبت أهل البيعة فلم تدركهم حتى تحملوا راحلين فنجوا إلا سعدا أدركته فأسرته فهو في أسرها حتى أطلقه الله تعالى من أسرها بواسطة جبير بن مطعم بن عدي بعد أن عذبته قريش العذاب الشديد.