للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخيراً: إن هذا الكمال الخلقي الذي أصبح به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل إنسان وأفضله وأعظمه على الإطلاق، الأمر الذي أهله بحق لأن يكون مثالاً أكمل للدعاة الصالحين ونموذجاً نادراً بين كل دعاة الحق والخير في دنيا الدعوة والدعاة، إنما هو مستمد من مصدر كل كمال، ونابع من فيض رباني لا يعرف النضوب ولا يغيض، ولكنه سلسبيل متدفق لا يقف ولا ينتهي ذلكم هو القرآن الكريم الذي استمد منه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كماله النفسي والخلقي فكان مثالاً للكمال البشري في هذه الحياة، ولقد صدقت أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها وقد سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن".

وها هي ذي أوصافه صلى الله عليه وسلم في القرآن، تلك الأوصاف التي استحق بها أن يكون خير الدعاة بل سيدهم وأمامهم ولا فخر، فلنورد ما ذكرا ولنورد الخاطر عليها وردا.

وصفه ربه تعالى بكمال الخلق وعظمته فقال من سورة القلم: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ. مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ. وَإِنَّ لَكَ لأجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ. وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .

ووصفه بكامل الرأفة وعظيم الرحمة بما لم يصف به غيره من صالحي عباده فقال تعالى من سورة التوبة: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .

ووصفه بكمال العدالة، وحمل شرف الرسالة، وقوة الهداية فقال تعالى من سورة الأحزاب: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} .