للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما عن قتل الأولاد الذي حكاه القرآن عن الجاهليين والذي لا زال مستمرا فإن القرآن يحدثنا أن العقيدة الصحيحة تؤدي إلى توافق الإنسان مع فطرته وصحة مشاعره وسلامته كفرد وكعضو في المجتمع، وكما أن العقائد الصحيحة تنعكس آثارها على المجتمع فكذلك العقائد المنحرفة تنعكس على المجتمع لأن المجتمع في حركته لا يصدر إلا عن عقائد فالعقيدة هي الحياة، والقرآن يحدثنا عن انعكاس المعتقدات على المجتمع بما كان يفعله الجاهليون من قتل الأولاد خشية الفقر والإملاق ولو كانوا يعتقدون اعتقادا صحيحا بأن الأرزاق بيد الله لما وجدوا علاقة بين كثرة الأولاد والفقر فالدافع إلى ذلك التفكير هو فساد هذه العقيدة التي لا تترك الأمر بيد الله خالق الكون ورازق الأحياء ونجد اختلافا في التعبير بين الآيات باختلاف مقتضى الحال فلما كان قتل الأولاد بسبب فقر الآباء قدم رزق الآباء على الأبناء في سورة الأنعام {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} ولما كان القتل لاعتقاد أن سبب الفقر هم الأبناء قدم رزقهم على رزق آبائهم في الإسراء.. {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} إننا نجد الصورة تتكرر في الجاهلية التي نعيشها فقد نشأ عن انحراف عقائد المسلمين وإبعادهم لتولي الله الأرزاق من تفكيرهم أن ربطوا بين ظروفهم المادية وكثرة النسل فظهر في واقعهم العملي والنظري حركة تحديد النسل بادعاء صعوبة الحياة وارتفاع تكاليف المعيشة وتحسين التربية بالإقلال من عدد الأولاد وهى فكرة يهودية قصد منها إضعاف الجنس البشري بعامة والإسلامي بخاصة ليسهل لهم السيطرة على البشر وهى فكرة تتمشى مع اعتقادهم في أنهم الجنس الأسمى والشعب المختار الذي يجب أن يحكم ويسود العالم.