وقبل وصولنا إلى المنطقة المذكورة وجدنا في طريقنا طائفة من البشر مختلطة من الرجال والنساء لا يعرف الفرق بينهم إلا بلحا الرجال أطلقوا شعورهم ولبسوا ملابس رثة، وتبدو القذارة على ثيابهم والحسرة على وجوههم، وهم يحملون أدوات الموسيقى ويوقعون عليها ويضربون الدفوف ويرقصون ويغنون، وكنت لا أفهم من كلامهم إلا هوم هوم فسألت ماذا يريدون من ذكر المنزل فقيل لي إنهم يقولون في أغنيتهم كيف السبيل إلى عودتنا إلى منازلنا والناس مجتمعون حولهم، منهم من يسمع صامتاً، ومنهم من يضحك، ثم شرح لنا محمد أشرف حالهم، فقال: إن هؤلاء كانوا من أولاد الأغنياء ذوي الأموال الطائلة والقصور العالية والسيارات الفخمة تعبوا من عيشتهم المادية وخرجوا يلتمسون في الشوارع وعلى الأرصفة وفي الحدائق العامة وغيرها شيئاً يريحهم فلم يجدوا ذلك أيضا ويريدون أن يعودوا إلى البيوت ولكنهم قد جربوها فهم يسألون عن السبيل إلى بيوتهم مع وجود الطمأنينة والرضا فقلت لزميلي الدكتور- وهو الذي يترجم بيني وبين محمد أشرف قل له يدعوهم إلي فعندي بإذن الله السبيل الذي يعيدهم إلى منازلهم مع وجود الرضا والطمأنينة. وكنت جادا في ذلك ومتيقنا أنهم لو سمعوا مني شرح كلمة التوحيد وبعض ما تقتضيه من طاعة الله والصلة به لتحولوا من ضائعين إلى مرشدين ولكن أخانا محمد أشرف أجاب بأن هؤلاء وصلوا إلى درجة من القناعة التي لا تسمح لهم بأن يسمعوا من أحد من المجتمع أي نصيحة لأنهم لم يخرجوا إلى هذه الحال إلا بعد أن يئسوا من إصلاح هذا المجتمع وهم ذوو عنف فقد يضربون من يحثهم فحوقلت ودمعت عيناي حسرة على انحطاط المسلمين الذي خسر به العالم كما قال الأستاذ الندوي: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟، وبدأت أتأمل عنوان هذا الكتاب من جديد مع أني قد قرأت الكتاب مرارا وبدأت أشعر بعاطفة المؤلف وتخيلت أنه أسال دمع عينيه مع حبر قلمه عندما كتب هذا العنوان.