للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نزلنا لنذهب إلى المكان الثاني الذي اختاره لنا الأخ أحمد ألا وهو (هارلم) التي يسكنها الزنوج فقط. وكانت مباني هذه المنطقة مساكن لليهود وملكاً لهم، ولكنهم غادروها عندما جاء مشروع إسكان الزنوج فيها. لماذا اختار لنا الأخ أحمد هذه المنطقة بعد أن كنا في منطقة تجارية وسكنية راقية، يرى بريق عماراتها ولمعانها وهي في غاية من النظافة والنظام والهدوء على رغم كثرة الناس بها. إنه أراد أن يرينا كيف يعيش هؤلاء السود المساكين في مدينة نيويورك فماذا رأينا؟ لقد رأينا بيوتا محطمة النوافذ والأبواب، قد اشتعلت فيها الحرائق ورأينا الزنوج وهم يتسكعون في الشوارع مثل المجانين منهم السكران ومنهم الشبيه بالسكران.

رأينا أناسا لا أظن أن يجد السائح أشباههم في أدغال أفريقيا من البؤس والحرمان والشقاء، إنهم يتجمعون على أبواب البارات ويتراقصون وهم قيام أو قعود، ومنهم من يضرب الدفوف المكسرة ويرقص عليها.

ولا أستطيع أن أصف ما رأيت إلا بالبؤس والجهل والحرمان، ولقد كان الأخ أحمد لا يقف بسيارته إلا ريثما يتحرك، لأن المنطقة منطقة إجرام وكان يخشى علينا من أجل لباسنا.

عندئذ قلت: هل حقا أنا في أمريكا؟ هل حقا أنا في نيويورك؟ هل حقا أنا بجانب مكرفون كارتر المنادي بحقوق الإنسان في العالم؟، هل حقا أنا بقرب هيئة الأمم المتحدة التي كنت في مبناها صباحا؟ كل تلك الأسئلة دارت بخاطري وأنا أعبر تلك الشوارع المخيفة.

منبع الإجرام:

ألا إنها منطقة إجرام مشهورة فعلا، ولكن إجرام من؟ أهو إجرام السود؟ أم أن الأصل هو الإجرام الأبيض الذي يقتل الإنسان وينادي بحقوقه؟

لقد شبهت إجرام السود وإجرام البيض بالتشبيهين التاليين:

إجرام البيض هو بحيرة من الأقذار: عذرة الناس وأبوالهم، وإجرام السود على الرغم أنهم هم المباشرون - ريح ينقل تلك الروائح إلى أنوف الناس، فأي الإجرامين أشد عند أولي الألباب؟.