ثم مر بنا الأخ أحمد ونحن في طريقنا إلى منزله في منطقة سكنية سماها لنا، ولكني لم أحفظ اسمها، ذات عمارات متناسقة وشوارع غاية في التنظيم وهدوء عجيب، وهي تبعد قليلا عن منطقة الزنوج وذكر أن هذه المنطقة يسكنها الأغنياء والأسر الراقية وعلق الأخ أحمد على ذلك فقال: قارنوا بين هذه المنطقة وبين منطقة (هارلم) ، وهذه المنطقة لا توجد بها بارات. أما منطقة (هارلم) فإن أغلب عماراتها المتهدمة توجد بها بارات. وهل خلق هؤلاء المساكين عند الرجل الأبيض الذي أفني عمره للدعوة إلى حقوق الإنسان لغير البارات والتسكع؟
كل شيء هناك بالدولار حتى الأمن وموقف السيارة:
وصلنا إلى جانب العمارة التي يسكنها الأخ أحمد فإذا هو يخرج مفتاحا ويدخله في قفل بجانب الجدار، وهو في سيارته فانفتح باب كبير أمامه يبعد عن موقع السيارة بمقدار عشرة أمتار فسألنا: ما هذا؟ فأجاب هذه مظلة السيارات لسكان العمارة يدفع صاحب السيارة أربعين دولارا ويستلم مفتاحا يدخل سيارته ويخرجها متى شاء حفظا لها من الشمس ومن الثلج أيام الشتاء وكذلك من السرقة وبعد دخوله ينغلق الباب بنفسه. وهكذا..
دخلنا منزله وصلينا المغرب وتحدثنا معه قليلا وسألناه عن مدى كفاية راتبه له فقال:
المنزل أجرته ثلاثمائة دولار والهاتف والكهرباء تكلف تقريبا مائة دولار وموقف السيارة يكلف أربعين دولار، ومواقفها في الشوارع كما رأيتم والذي رأيناه أن المواقف في الشوارع كلها بالأجرة فوقوف السيارة ساعة بثلاثة دولارات وقد تزيد وقد تنقص حسب المكان. ولا يجد موقفا لسيارته بدون أجرة، وهذا قد يفسر جزءا من الرأسمالية.