والواقع أن أمتنا قد تنهزم في بعض الأحيان حتى أن عدوها ليظن أنها أصبحت رمادا هامدا، ولكن ما هي حتى يظهر قائد عبقري التفكير عميق النظر والتدبير فيكتشف أن تحت الرماد شرارة فما يزال ينفخ فيها حتى تتأجج نارا تلتهم الأعداء ويخافها الأقوياء. وفي تاريخنا من العبر والدروس ما لو تأملناه ووعيناه لعادت هزائمنا نصرا، وخسائرنا مكسبا وربحا، خاصة في الأوقات التي نتعرض فيها للهزائم العسكرية والهزات النفسية، فيكون عونا لنا- بعد الله- على الثبات أمام العدو المتربص بنا الطامع في أرضنا. فهلا راجعنا رصيدنا التاريخي لنعرف كيف بلغت عزتنا، وركيزة مجدنا وقوتنا وإن كان التاريخ لا يعيد نفسه، فإن أوجه المماثلة في حوادثه المعادة أكثر من أوجه المخالفة، فما الحرب العالمية الأولى إلا امتداد للحروب الصليبية، وليس أدل على ذلك مما قاله (غورو) القائد الفرنسي بعد أن تم له النصر على السوريين في معركة (ميسيلون) فقد مضى هذا القائد إلى قبر صلاح الدين، وخاطبه قائلا:"ها قد عدنا يا صلاح الدين"ولولا أن الله حكم على الأموات ألا يتدخلوا في شؤون الأحياء لقام إليه القبر يلحمه السيف.
فلنأخذ لذلك أهبته، ولنعد له عتاده وقوته. والله حسبنا وهو مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
الشريعة الإسلامية
تمتاز الشريعة الإسلامية عن القوانين الوضعية بأنها مزجت بين الدين والدنيا، وشرعت للدنيا والآخرة، وهذا هو السبب الوحيد الذي يحمل المسلمين على طاعتها في السر والعلن والسراء والضراء لأنهم يؤمنون بأن الطاعة نوع من العبادة يقربهم إلى الله.
(الشهيد عبد القادر عودة)
[١] كتاب الروضتين في أخبار الدولتين، أبو شامة ط ١٢٨٧ هـ، جـ ٢ ص ١٦٨.