التعبير أو نبا القلم من يدي، إني سأكتفي بالتلميح الكافي عن التصريح، بما أنا موقن منه حق اليقين، حين سلب شرف وانتهك عرض والمعتدى عليه أو عليها مغلول بأصفاد في غيابة السجن، فقط لأنهم قالوا لحكامهم هذا حرام وهذا حلال، ولم يجد بشيء ذلك التوقيع على إعلان للإنسان في ورقة لتقرأ أو تنشر، فلم يصاحب ذلك خوف من الله بقليل أو كثير، زيادة على معظم مواد الإعلان التي وضعت لتميل حيث مال الهوى، كما سنوضح في هذا البحث إن شاء الله تعالى.
ما كان للإنسان الذي وضع أو الذي رضي بتلك، تاركا ما وضع ربه له من أجمل حقوق بلغت الغاية وأوفت الكفاية إلا أن يظل قابضا على جلد القنفذ الذي ظنه المنقذ من همومه وأنكاده، فهل يحيف الله على الإنسان لما سخر له كل ما في سمائه وأرضه، بما نرى كل يوم ونسمع، ولكنه لم يقرَ ولم يقنع، وهل أنقص سبحانه شيئا فجاء الإنسان ليتم هذا النقص قد قرأ هذا الإنسان أو سمع أو علم {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً}{وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} ، ولكن لما كان الإنسان (ظلوما جهولا) اكتفى بحمل الأمانة قولا وأباها عملا، إلا الذين هم قليل ما هم.
وفي مراجعتنا لمواد حقوق الإنسان وجدناها متكررة متداخلة، وكنا عازمين قبل أن يتبين لنا ذلك جعل حديث منفرد عن كل مادة من الثلاثين، ولكننا وجدنا الكلام سيتكرر مع تكرار ما يشير إليه كثير من هذه المواد، فأثرنا أن نقسمها إلى مجموعات، كل مجموعة منها تشمل المواد المتقاربة الموضوع، فأصبحت عشر مجموعات بعشرة أبواب مرتبة هكذا: