هذا وما قصدنا المقارنة بين ما وضع الله وما وضع الإنسان معاذ الله، فنكون قد خسئنا وخسرنا. لأن المقارنة بين الكائن والمكون في حكم العقل المجرد أمر محال، وإنما قصدنا أن نظهر كيف تفعل الحجة الدامغة بالحجة الداحضة، والله يخرج من قلوبنا سخائمها حتى تكون مصفاة من كدر الرياء، آمين.
وإن يعجب القارئ فعجب أن التاريخ الذي أعلن فيه حقوق الإنسان كان نفس التاريخ الذي أعلن فيه قيام إسرائيل على جثث وعظام الأمة الفلسطينية، والفلول التي بقيت منها قطَعت في الأرض هائمة على وجهها، والتاريخ هو عام ١٩٤٨م تاريخ حقوق على ورق أعلنت، وحقوق شعب بأكمله سرقت، أختطف وطن بأسره أرضا وزرعا وضرعا وديارا بعد أن أوغل فيه تذبيحا وتمزيقا، الأطفال قبل النساء والنساء قبل الرجال في قصة هي من أبشع ما حكت الدنيا من قصص التوحش اليهودي، فعل الصهيونيون ذلك عام إعلان حقوق الإنسان تماما ليفهموا كل الخليقة أنهم ليسوا من بني الإنسان حتى يتقيدوا بحقوق الإنسان، ولا زالوا ملتزمين بما طبعوا عليه من الفظاظة والقسوة {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} ، هذا وصف خالقهم لهم، وتأكيدا لوصف خالقهم هذا ازدادوا على مر الأيام قسوة وضراوة حتى مزقوا القرآن، مع يقينهم من أنه كتاب الله بما قرؤوه في توراتهم، أما عن الأمم المتحدة فقد حضرت هذه المسماة بإسرائيل هذه الهيئة بأسوأ صور التحقير، لما وضعت تحت نعلها ما يزيد عن عشرين قرارا أصدرته ضدها هي ومجلس أمنها.