للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فأيهما أنفع للإنسان؟ ما وضعه الله له؟ أم الذي وضعه هو لنفسه؟) ... ولما شاء الله تعالى أن ينزل من السماء نوره ليحمله إلى خلقه خير خلقه صلوات الله وسلامه عليه، حاولت هوام الظلام يومئذ أن تطفئ نور الله هذا، فتشعبت جوانب كيدهم منقضة جميعها على النور البازغ حديثا، في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم والقلة لا تملك من المنعة شيئا للدفاع عن نفسها وكان من أبرز جوانب هذه المعركة عنجهية الجاهلية، والتي انحدرت متعاقبة منذ القرون الأولى فكان أول اصطدامها بضدها في عصر نوح عليه السلام، وظل شرها المميز العنصري يتوارث ويظهر مع رسالة كل رسول، حتى الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم، فأرادت أن تعمل معه عملها الذي تعودته مع غيره، فكانت أن لقيت حتفها تماما على يد نبي الإسلام بما نزل عليه من وحي قاصم لكل عتل غاشم، ومادمنا قد اكتفينا بضرب المثل بأول الرسل وبآخرهم عليهم جميعا سلام الله، فلنذكر شيئا مما وقع في ذلك، بادئين بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، لا تحيزا منا ولا تمييزا، وإنما مرسلهم سبحانه هو الذي فضلهم على بعض {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض} ، فإنه وإن كان نبينا صلوات الله عليه هو الآخر في ترتيب الأزمنة، فهو الأول في ترتيب المنزلة، فقد وضعه القرآن قبلهم جميعا في قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِه} فبدأ سبحانه الخطاب به قبل نوح {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ، ثم ذكر بعد ذلك نوحا والنبيين من بعده، وأيضا في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} ، فالآية بالنبيين بدأت عامة؟ وعند الترتيب وضعت نبينا في أولى الدرجات قبل نوح ومن بعده {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيم} إلى آخر الآية، وشمل ذلك رسل أولي العزم، وفي القرآن أمر رسولنا أن يقول: {وَأُمِرْتُ لأَنْ