للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} ، وأمر نوح أن يقول: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} .

ولقد عمدت إلى توضيح هذا حتى لا يتوهم أحد أننا نميز رسولنا لمجرد التمييز تعصبا منا كما يفعل أهل الأديان الأخرى لأنبيائهم، فنحن نؤمن بهم جميعا ولا نفضل إلا من فضل الله {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه} ، والمقصود - والله أعلم بعدم التفريق هنا في مهمتهم الكبرى التي جاؤوا بها جميعا، وهي تعريف المخلوقين بالخالق ليوحدوه بلا ند ولا نظير، أما درجات أشخاصهم وشمول شرائعهم فهو تفضيل وليس بالتفريق، وقد عقد الله لنبينا في ذلك الأفضلية في شخصه وشريعته كما أوضحنا آنفا.

أعود فأقول إن أول ما بدأت تقاوم به دعوة الرسول الكريم كانت العنصرية، تلك الصفة التي لا يتشح بها إلا الجاهلون، وكل جاهلي في كل عصر، فقد صور الكفر للغلاظ من سادة قريش أن الفرق بينهم ومن أجابوا المنادي صلوات الله عليه من المساكن يمنع التساوي معهم بالدين الجديد، ومن هذا النوع قدم القرآن قصصا عنهم في أكثر من آية وأكثر من سورة، لكني اخترت البعض منها لأتحدث عنه اكتفاء بما نريد الوصول إليه في معرض هذا البحث.

فقصة الضعفاء التي أوردها علماء أسباب النزول في آيات سورة الأنعام البادئة بقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} وما تلاها من آيات سنذكرها بعد، أسندوا روايتها بلفظ يختلف ومعنى يتحد إلى ابن حبان وأحمد والطبراني وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم، عن الصحابة سعد بن أبى وقاص وابن مسعود وعكرمة وخباب رضي الله عنهم أجمعين.