لقد مشت على هذا الصراط أمتنا الإسلامية سنين عديدة، لم يقم وزنا لحسب ولا عصب، اختفت في مجتمعها القومية وارتقت الربانية، إلى أن بدأ المسلمون ينسلَون من دينهم رويدا عصرا بعد عصر، وبدأ ثعبان العصبيات والقوميات يخرج من حجره، والذي حبسته في حجره طويلا تعارف الإنسان وأخوة الإسلام، إلى أن جاء عصرنا فحرص أعداء الإسلام والمستعمرون الذين احتلوا معظم رقعه الأرض الإسلامية أحقابا طوالا، ألا ينجابوا عنها إلا بعد أن يوقظوا فيها حمية القومية، فنودي على الفور بعد جلاء الخبثاء المفرقين بالقومية العربية، قبل أن يسبق أحد بنداء الإسلامية، وساد نداء القومية الجاهلية. وكان قد قدم لها بعمل ثابت وهو إنشاء الجامعة العربية في عصر احتلال الإنجليز للأرض العربية كلها تقريبا. وصرخت أصوات مسلمة مخلصة إبان ذلك تطالب بجعلها جامعة إسلامية لتوصد الباب على تحريك القوميات مستقبلا، وليجتمع فيها العالم الإسلامي كله، عسى أن يكون ذلك تمهيدا لعودة الخلافة الإسلامية لتعود بها قوة المسلمين لما وحدوا تحت الحكم بالقانون القرآني، لكن هذه الأصوات المخلصة أهملت ولم يصغ إليها، وغلبت فكرة الجامعة العربية الإسلامية، وأتى بعدها تبعا شعار القومية العربية وليست الأخوة الدينية، والآن تم للأعداء ما أرادوه من إيقاظ التفرقة والتمييز، حيث نظر بقية العالم الإسلامي إلى العرب نظرة الحذر والخيفة، فلم يشتركوا معنا نحن العرب إلا بالقرارات في المؤتمرات، ولم يطلقوا [١] معنا رصاصة واحدة لما أخذ اليهود بتلابيبنا، والحق لهم لأننا أغفلناهم وجعلنا لأنفسنا جامعة تختص بنا، وقومية نتميز بها.