فهو عليه السلام أدرك بأن النصر مؤكد لهؤلاء الذين ازدري بهم، وأن نبوته لن تغني عنه شيئا إذا عصى الله وطردهم، ثم لكي يغيظهم بدفاعه عن الضعفاء بدَل كلمة (الأرذلين) منهم بكلمة (المؤمنين) منه لما قال: {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} في آية {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ} في أخرى، بل ورد الإهانة عنهم بأن وصم خصومهم المستهزئين بهم، بالجهل مرة، وبعدم الفهم والتذكر ثانية {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} ثم، {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} .
وبعد الذي قدمه القرآن عن نبينا وعن نوح صلوات الله عليهما، وهما الرسولان اللذان حصرا الدنيا بكاملها بين رسالتيهما نسأل: أيهما أرفع وأنفع، وأكرم وأدوم، ما وضعه الله للإنسان، أم ما وضعه الإنسان لنفسه.