ولم تقف اعتراضات الخصوم الفجرة عند حد الجمل والتراكيب بل تعدوها إلى أدوات الربط فقالوا: إن مجيء الباء في الآية القرآنية {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ}[١١] ليس في موطنه فلو قيل: "ومن يرد فيه إلحاداً"لكان أبلغ!! هكذايتصور الجاهلون الحاقدون! !
ثم انتقلوا من هذا إلى رمي القرآن الكريم بالتناقض! وضربوا لذلك مثلاً بقوله تعالى:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} وزعموا أن القرآن هنا يذم المؤمنين فكيف يتفق هذا مع مديحهم قبل هذه الآية مباشرة. بالآية القرآنية:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[١٢] .
وهذا في نظر ذوي البصائر العمياء ضرب من التناقض والسير على غير هدى.
ولم يلبث شياطين الإنس أن تناولوا بعض الصور البيانية في القرآن الكريم بالتجريح وهي بالغة حد الروعة والإعجاز. فقالوا: إن الآية القرآنية: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}[١٣] .
قالوا إن أدوات التشبيه هنا قد أتبعت بالمشبه به ولم تسبق بالمشبه وهذا على حد مزاعمهم ضرب من الغموض.!! مع أن هذا من بديهيات البيان العربي!
ثم اعترضوا على حذف جواب الشرط في قوله تعالى مثلا:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأََرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}[١٥] ونحو هذه الآية.
فزعموا أن هذا تبتير للكلام! وقطع لأجزائه.
وكما اعترضوا على الحذف فلم يسلم الذكر من اعتراضات المجرمين!! فزعموا أن الحذف وتكرار الذكر كلاهما ليس محموداً ولا معدوداً في النوع الأفضل من فنون البيان.