والرد على هذا التساؤل الهين أن الترغيب والترهيب كلاهما من نعم الله تعالى. قال الشاعر:
فهو الذي أنباك كيف نعيمها
والحادثات وإن أصابك بؤسها
وأما دحض الافتراء الطاعن في القرآن من حيث عدم موضوعيته. فإن توزيع المسائل عن النحو الذي جاء في القرآن من الفروق بينه وبين تأليف البشر. ومن جهة أخرى فيه عظة واعتبار متكرر! وبهذا تكون استفادة الناس منه أكثر من انفراد السورة بموضوع واحد. وحتى لا تصير السور عرضة للإيمان ببعضها والكفر بالبعض الآخر.
فإن زعم ذئاب البشر أن بعض الناس قد عارضوا القرآن معارضة ناجحة ونقدوه نقداً جوهرياً أثناء نزوله. بيد أن المسلمين قد كتموا هذه المعارضات ومنعوا غيرهم من تسجيلها! فذلك إهدار للعقول.
وهذا في الحق تساؤل سخيف. فالناس في كل الأزمنة والأمكنة يهتمون بالأخبار المثيرة عامتهم وخاصتهم. فلئن كتم المسلمون هذه المعارضات المزعومة فلا يعقل أبداً ألا يسجلها المشركون وهم غالبية أهالي المشارق والمغارب.
إن ذلك التساؤل لو استسيغ، لجاز لممسوخي الضمائر أن يقولوا بوجود عدة أنبياء بعد خاتم المرسلين عليه السلام ثم يتهمون المسلمين بالقضاء عليهم سراً. ومثل هذه الأقاويل واضحة البطلان بينة الكفران- وسيبقى القرآن الكريم على مر العصور كالطود الشامخ. ولن ينال منه اليهود ولا النصارى ولا الشيوعيون منالاً أبدا بإذن الله تعالى. فهؤلاء يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون. والقرآن الكريم فوق النقد والتجريح أو المعارضة وما أصدق قوله تعالى:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} .