يرى الإمام مالك: أن وقت الاغتسال ينبغي أن يتصل بالرواح إلى الصلاة لحديث ابن عمر المتقدم: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل"، أي أراد أن يجيء، ولأن الغسل شرع للنظافة وإزالة الروائح الكريهة التي تلحق بالناس من جراء العمل والمشي في يوم الجمعة: ففي حديث عائشة عند مسلم كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم من العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فتخرج منهم الريح، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا.."[١٤] ..
وقولها في الحديث الآخر "كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاه: فكانوا يكون لهم تفل فقيل لهم لو اغتسلتم يوم الجمعة"[١٥] . لذلك قال مالك في الموطأ:"من أغتسل يوم الجمعة أول نهاره وهو يريد بذلك غسل الجمعة، فإن ذلك الغسل لا يجزئ عنه حتى يغتسل لرواحه وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عمر: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" [١٦] .
وقال الشافعي وأبو حنيفة: إن وقت الاغتسال للجمعة يبدأ من بعد طلوع الفجر لأن الاغتسال لحضور الجمعة فينبغي أن يكون متقدماً عليها، لكن لا يشترط اتصاله بالرواح، وقالوا: إن حديث ابن عمر لا يفيد شرط الاتصال، لأن معنى إذا جاء أحدكم: أي أراد المجيء أو قصد الشروع في المجيء، ولأن معظم الأحاديث الواردة في الاغتسال للجمعة لم يرد فيها ما يفيد اتصال الذهاب إليها.