وكذلك لفظ الجز- بالجيم والزاي الثقيلة- فإنه يدل على قص الشعر والصوف إلى أن يبلغ الجلد [٦٥] .
كما استدل هذا الفريق أيضا: بفعل بعض الصحابة رضي الله عنهم وكذلك عدد من خيار التابعين.
فقد نقل البخاري في صحيحه عن ابن عمر أنه كان يحفي شاربه حتى ينظر إلى بياض الجلد ويأخذ هذين يعني بين الشارب واللحية.. [٦٦] .
وعن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عمر قال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال:"إنهم يوفرون سبالهم- جمع سبلة ومعناه الشارب- ويحلقون لحاهم فخالفوهم"، قال:"وكان ابن عمر يستعرض سبلته فجزها كما تجز الشاة ويجز البعير"[٦٧] ..
وعن عبيد الله بن أبي رافع قال:"رأيت أبا سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وابن عمر ورافع بن خديج وأبا أسيد الأنصاري وابن الأكوع وأبا رافع ينهكون شواربهم حتى الحلق.."[٦٨] ..
وحكى ابن حجر: عن الطبري من طرق: عن عروة وسالم والقاسم وأبي سلمة أنهم كانوا يحلقون شواربهم [٦٩] .
وقد أخذ بهذا عدد من أهل العلم، وهو اتجاه المذهب الحنفي حيث يرى الحنفية أن الاحفاء أفضل من التقصير..
وفي مقابل هذا الفريق كان الإمام مالكَ يرى أن السنة في الشوارب هي التقصير لها وكان ينهى عن الاحفاء وينكره ويفسر الأحاديث التي جاءت بالاحفاء وما في معناه: بأخذ أسفل الشارب والمطل على الشفة العليا حتى يبدو بياض هذه الشفة قال ابن القاسم عن مالك: "احفاء الشارب عندي مثلة والمراد بالحديث المبالغة في أخذ الشارب حتى يبدو طرف الشفتين.. وقال أشهب سألت مالكا عمن يحفى شاربه، فقال: "أولى أن يوجع ضربا"، وقال لمن يحلق شاربه: "هذه بدعة ظهرت في الناس..".
وفي الموطأ: قال يحيى: "وسمعت مالكا يقول: يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة وهو الإطار ولا يجزه فيمثل بنفسه.." [٧٠] .