للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ورد في بعض الأحاديث "قص الشوارب"؛ فقيل: هو من الواحد الذي فرق وسمي كل جزء منه باسمه من باب المبالغة والتعظيم؛ فقالوا لكل جانب منه شاربا ثم جمع على شوارب.

وحكى ابن سيده عن بعضهم: من قال: الشاربان أخطأ وإنما الشاربان ما طال من ناحية السبلة.. قال ويسمى السبلة كلها شاربا.. ويؤيده أثر عمر الذي أخرجه مالك: أنه كان إذا غضب فتل شاربه، والذي يمكن فتله من شعر الشارب؛ السبال وقد سماه شاربا.. [٦٢] .

وقد روت أكثر الأحاديث بلفظ القص كحديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم وحديث عائشة وحديث أنس عند مسلم وكذلك حديث ابن عمر عند البخاري.. [٦٣] .

وقد وقع عند مسلم في رواية أبي هريرة بلفظ "جزوا الشوارب" كما وقع عنده وعند البخاري من حديث ابن عمر بلفظ "احفو الشوارب.." وقد ورد عند البخاري من رواية ابن عمر بلفظ "أنهكوا الشوارب.." [٦٤] فانتهت مجموع هذه الروايات إلى أمرين: أحدهما: الأخذ من الشوارب بدون استئصال لها وهي الروايات التي جاءت بلفظ القص أو التقصير ... وثانيها: استئصال الشوارب وهي الروايات التي جاءت بألفاظ الاحفاء والجز والإنهاك والتعدد في الروايات المختلفة المعنى الواردة في موضوع الشوارب جعلت العلماء يختلفون في كيفية الأخذ المشروع منها.

كيفية الأخذ من الشوارب وآراء الفقهاء فيها:

ذهب الحنفية ومعهم بعض الفقهاء إلى أن كيفية الأخذ المشروع في الشوارب هو استئصالها بالحلق.. وذلك لما جاء في كثير من الأحاديث من التعبير بالاحفاء والإنهاك والجز ونحوها.. وكل هذه الألفاظ تدل على أن المطلوب المبالغة في الإزالة: إذ الاحفاء- بالحاء المهملة والفاء - الاستقصاء في الأخذ.

كما أن النهك- بالنون والكاف- يدل على المبالغة في الإزالة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم للخافضة: "أشمي ولا تنهكي" أي لا تبالغي في خفاض المرأة..