ثم إن من عادة العلماء المحدثين والفقهاء المتقدمين أن بعضهم ينقل عن بعض الحديث والقول على علاته تقليدا لمن سبقه.
كما ذكره الإمام أحمد أنه كان يستعير الملازم من طبقات ابن سعد فينقلها ثم يردها إليه. ذكروا ذلك في ترجمة ابن سعد وكان الشافعي يقول للإمام أحمد:"إذا ثبت عندك الحديث فادفعه إلي حتى أثبته في كتابي وكذا سائر علماء كل عصر ينقل بعضهم عن بعض".
فمتى كان الأمر بهذه الصفة فلا عجب متى رأينا أحاديث المهدي تنتشر في كتب المعاصرين لأبي داود كالترمذي وابن ماجه لخروج الحديث من كتاب إلى مائة كتاب وانتقال الخطأ من عالم إلى مائة عالم لكون الناس متقلدة وقليل منها المحققون المجتهدون والمقلد لا يعد من أهل العلم، والجواب على هذا نقول:
أولا: أن هذا الكلام من أخطر ما اشتملت عليه رسالة الشيخ ابن محمود لما فيه من النيل من محدثي هذه الأمة وفقهائها المتقدمين والحط من شأنهم وهذا إن دل على شيء فإنما يدل مع الأسف أن حصون المسلمين مهددة من داخلها. ويرحم الله الإمام الطحاوي إذ يقول في عقيدته المشهورة:
"وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين- أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل..". انتهى
وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رسالة عظيمة سماها (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) طبعت مرارا وصف الشيخ جمال الدين القاسمي هذا الكتاب بأنه جدير لو كان بالصين أن يرحل إليه وأن يعض بالنواجذ عليه.