وهذه المراتب الأربع للصحيح ذكرها أبو عمرو وابن الصلاح في كتابه علوم الحديث والحافظ ابن حجر في شرحه نخبة الفكر وغيرهما وليس في الصحيحين من هذه المراتب إلا الثلاث الأولى، أما الأربع الباقية فلا وجود لها إلا خارج الصحيحين. ولم يزل من دأب العلماء في جميع العصور الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة بل والحسنة الموجودة خارج الصحيحين والعمل بها مطلقا واعتبار ما دلت عليه دون إعراض عنها أو تعرض للحط من شأنها والتقليل من قيمتها، ومن أمثلة ذلك في أمور الاعتقاد الحديث المشتمل على العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم فإنه في السنن ومسند الإمام أحمد وغيره وليس في الصحيحين ومع ذلك اعتقدت الأمة موجبه بناء على ذلك وكذا الحديث الذي فيه تسمية الملكين اللذين يسألان الميت في قبره بمنكر ونكير لم يرد في الصحيحين وقد اعتقد موجبه أهل السنة.
خامسا: مما سبق يتضح أنه يجب التصديق والعمل بالأحاديث الصحيحة سواء كانت في الصحيحين أو في غيرهما ومن ذلك أحاديث المهدي على أن بعض الأحاديث الواردة في المهدي أصلها في الصحيحين ومن ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على أحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم تعال صل بنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة" فقد وردت تسمية هذا الأمير الذي يصلى عيسى عليه الصلاة والسلام، خلفه في حديث جابر عند الحارث بن أبي أسامة، مسنده بالمهدي ولفظه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا فيقول لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة" قال ابن القيم بعد أن أورده في كتابه المنار المنيف بسنده ومتنه قال: "وهذا إسناد جيد".