رابعا: قوله: "وعلى كل حال فإنه ليس في الحديث التصريح باسم المهدي ولا زمانه ولا مكانه ولا الإيمان"به جوابه أن هذا الحديث وغيره من الأحاديث في معناه هي في المهدي الذي يخرج في آخر الزمان كما عليه علماء الحديث كما مر بيانه في الفقرة الأولى من الكلام على هذا الحديث وأما زمانه فقد أوضحت الأحاديث أنه يكون في زمن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وزمن الدجال وأما مكانه فإنه يكون عند نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء في أرض الشام في بيت المقدس كما ورد في بعض الأحاديث إذ يصلي خلف المهدي ثم يخرج لقتل الدجال. وأما الإيمان به فمذهب أهل السنة والجماعة التصديق بما صح من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك خروج المهدي والدجال ونزول عيسى عليه السلام من السماء وغير ذلك.
خامسا: قوله: "ولا يمنع كونه من جملة الخلفاء السابقين الذين استقام بهم الدين وبسطوا العدل في مشارق الأرض ومغاربها بين المسلمين وبين من يعيش معهم من المخالفين لهم في الدين"جوابه أن يقال وما المانع أن يكون المقصود به المهدي الذي يخرج في آخر الزمان الذي هو قول العلماء المحدثين أوعية السنة وجهابذة الأمة وهو الذي يقتضيه لفظ الحديث في قوله: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد.." ثم إن الشيخ ابن محمود قال في أول الكلام على هذا الحديث: "على أن وجود رجل يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يحتمل أن يكون من المحال"ثم في آخر الكلام على الحديث قال: "ولا يمتنع كونه من جملة الخلفاء السابقين الذين استقام بهم الدين وبسطوا العدل في مشارق الأرض ومغاربها بين المسلمين وبين من يعيش معهم من المخالفين لهم في الدين"، فالشيء الذي كان في أول الكلام على الحديث يحتمل أن يكون من المحال، أصبح مثله في الكلام على آخر الحديث من الممكن، وهكذا شأن الكلام المفتقر إلى التحقيق ينقض أخره أوله.