هذه أمثلة من كلامه على أربعة أحاديث وهي مقياس ونموذج لكلامه على بقية الأحاديث التي أوردها في فصل التحقيق المعتبر البالغ عددها جميعا أحد عشر عقبت كلامه بما يوضح بأنه كلام يفتقر إلى التحقيق المعتبر وأدهى من ذلك وأمر اغتباطه بهذا التحقيق وقوله أنه تكلم على الأحاديث بما لا مزيد عليه والله المستعان وإن تعجب فعجب قوله:"إنهم- يعني الذين يقولون بصحة الأحاديث في خروج المهدي- لو رجعوا إلى التحقيق المعتبر لأحاديث المهدي المنتظر من كتابنا هذا وفكروا في الأحاديث التي يزعمونها صحيحة ومتواترة وقابلوا بعضها ببعض لظهر لهم بطريق اليقين أنها ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة لا بالفظ ولا بالمعنى"فإن مما لا شك فيه أن الشيخ ابن محمود يعتبر هذه الإحالة هنا إحالة على مليء وكذلك الإحالة في قوله في ص ٨: "وقد عقدت في الرسالة فصلا عنوانه التحقيق المعتبر عن أحاديث المهدي المنتظر شرحت فيه سائر الأحاديث التي رواها أبو داود والترمذي وابن ماجه والإمام أحمد والحاكم بما لا مزيد عليه فليراجع"لكن الواقع أن أي طالب علم له إلمام قليل في معرفة الحديث الشريف يرجع إلى هذا الفصل يجد النتيجة بالعكس كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.
فأنا أحد طلاب العلم الصغار قصير الباع قليل الإطلاع لما رجعت إلى ذلك الفصل أسفت كثيرا وأشفقت على فضيلة الشيخ ابن محمود -حفظه الله- إذ زج بنفسه في لجج لا يجيد السباحة فيها وتذكرت قول الشيخ أحمد شاكر في ابن خلدون إذ قال:"أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم واقتحم قحما لم يكن من رجالها وتهافت في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي تهافتا عجيبا وغلط أغلاطا واضحة.."وإذا كان هذا رأي طالب العلم الصغير فما الشأن في العلماء الكبار في الحاضر والمستقبل عندما يقفون على هذه الرسالة والفصل الذي اشتملت عليه؟.