بهذا (السب والشتم والردح) وما إلى ذلك من أسلوب النساء الضرائر- على حد تذوق الدكتور الضبيب- جاء عتاب العربية لقومها واستنكارها لهم لأن هجروها وهي العريقة الأصيلة التي بذل فيها الأولون ما بذلوه من أجل الحفاظ عليها، والإبقاء على جمالها ورونقها، والعمل على غناها ووفرتها، حتى هجرها أبناؤها أو كادوا إلى أي شيء؟.. إلى عامية لا أصل لها ولا عراقة، فلم يأخذها الخلف عن السلف بطريق الرواية التي تحفظها من الغير كما هو الشأن في العربية الأصيلة لغة القرآن الكريم؛ وكأن اللغة تشير بذلك إلى تلك الأساليب المرقعة التي كانت مستعملة أيام نشر هذه القصيدة- وسيأتي تفصيل لذلك فيما بعد- حتى خرجت على الناس أو خرج الناس بها خلطا من العربية والأجنبية يثير التهكم والسخرية. فالعربية- في هذه الصورة أيضا- لم نرها كما رآها الدكتور الضبيب- تشتم وتسب وتردح كالنساء الضرائر، بل على العكس رأيناها كما عهدناها دائما.. الذوق كله، والرفق كله، والسمو كله.. فهي وسط عتابها الشديد واستنكارها لفعل بنيها معها تسأل الله لهم العفو:
إلى لغة لم تتصل برواة
أيهجرني قومي- عفا الله عنهم
ولكن لا يمنع ذلك من أن تنبه أبناءها إلى خطورة ما هم مقبلون عليه من استعمال تلك اللغة التي (سرت لوثة الإفرنج فيها..) فلا ينبغي أن ينخدعوا بها بل من الخطر أن تتسر إلى ألسنتهم.. وإلا فهي (لعاب الأفاعي في مسيل فرات) ..
وزيادة في تحقير ذلك الخليط من (العامية العربية الأجنبية) جاء تشبيه تلك اللغة بذلك الثوب الخلق وقد جاوزت رقعة السبعين مختلفة الألوان والأشكال، وليتصور العقلاء مدى السخرية التي تلحق بكل من يرتديه..
فهل رأي أحد في كل ذلك (ضرة) تكيل لضرتها سبا وشتما و (ردحا) ؟