ومن هذا نرى أن (الكحول) هو المادة التي تتحرك بكل الدوافع: فالعامة يستعملونه كعلاج شعبي لمجموعة من الأمراض، وهم يفضلونه عن الأدوية التي تفوقه في المفعول والتي تعززها الدراسات العلمية والتجارب الطبية؛ والجبناء وضعاف الهمم والعزائم يهربون من الواقع بشرابهم (للخمور) التي تستمد شهرتها وأهميتها لكونها تمنح شاربها إحساساً نفسياً معيناً، وتقوده إلى حالة مزاجية تخرجه من واقع حياته، وذلك بجانب البقاء فترة من الوقت في حالة اللاوعي؛ وهي من المشروبات التي أصبحت من أهم المتطلبات لكثير من المجتمعات المعاصرة في حياتهم ومناسباتهم المختلفة: أفراحهم، مناسباتهم القومية، أعيادهم، حفلاتهم الرسمية، وصار الناس يقلدون بعضهم البعض في شرابهم للخمر في تلك المناسبات، فليس عجبا أن يصبح (الخمر) أكثر مواد الإدمان انتشارا، ويصبح (الإدمان الكحولي) أعم وأخطرْ أنواع الإدمان.
ويزيد من فاعلية الدوافع التي ذكرناها بعض العوامل المساعدة ومنها:
(١) المبالغة في تقييم الكحول، كعقار ومادة صيدلانية، واستعماله بكثرة في تجهيز المستحضرات الصيدلانية والتركيبات الدوائية، واعتباره من أهم المواد التي تدخل في صناعة الدواء كمذيب ومادة حافظة، حتى أنه توجد بالسوق الدوائي آلاف التركيبات الدوائية المحتوية على كحول بنسب متفاوتة، وأكثرها أدوية لعلاج السعال، ومقويات، وفاتحات للشهية ومن أشهرها مشروبات الكينا؛ ويقال أحيانا عن هذه الأدوية الكحولية بأنها مشروبات كحولية متنكرة، أو مشروبات كحولية خفية.