ومنها: اتجاه المدرسة الحنفية إلى الروح (العملية) في الفقه، مع كون هذه المدرسة اشتهرت بالفقه التقديري، لكنّ هذا النوع من الفقه، مع أمور أخرى من صميم المنهج، تمثَل أبرز ملامح هذا الاتجاه..
ومنها: الضجة الكبرى التي أثيرت في وجه هذه المدرسة، من المحدثين والفقهاء، فنشبت معركة علمية لا نظير لها بينها وبينهم..
ومع هذا كان لهذه المدرسة تأثير كبير في كثير من الاتجاهات المعارضة لها في الفقه..
وهذا يتيح للدارس فرصة ثمنية للاطلاع على أكبر قدر ممكن من الآراء المتغايرة، فيثرى أفُقَه كمتفقه، ويغوص في أعماق الشريعة، حيث تتجلى له مقاصدها، وأسرارها.
ثم كان اختيار كتاب يجتمع فيه الخصاف مؤلف المتن، والصدر الشهيد مؤلف الشرح لأسباب عديدة بينتها في الدراسة في مواضع، وأبرز هذه الأسباب:
أنهما من مجتهدي المذهب الحنفي، ممن يًعتمد على فتاويهم واجتهاداتهم..
وأنهما باجتماعهما، جمعا بين أسلوبين من أساليب الفقه الحنفي، وبين زمانين ومكانين من أزمنته وأمكنته، بكل ما يحمله ذلك من اختلاف الرسوم، والواقعات، والاجتهادات..
فأبو بكر الخصاف، توفى ببغداد سنة (إحدى وستين ومائتين) والصدر الشهيد عاش ببخاري، واستشهد بسمرقند سنة (ست وثلاثين وخمسمائة) ..
ونشعر ونحن نقدم للمسلمين هذا العملَ الذي استفرغنا فيه الجهد والطاقةَ، أننا بذلك نساهم مساهمةَ صغيرةَ ضئيلةً في مجال إحياء الشريعة الإسلامية، وإعادة المجتمع الإسلامي إلى حظيرتها..
نقول ذلك لا من باب التواضع فحسب، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه..