ومما يذكر بهذه المناسبة أنه يقال إن الملك النجاشي تربى في صباه في الجزيرة العربية حتى أجاد اللغة العربية لذا لم يحتج إلى ترجمان يترجم له كلام رئيس الوفد الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة (جعفر بن أبى طالب) رضي الله عنه في أثناء المحادثة التي جرت بينهما، كما لم يحتج إلى الترجمة فيما تلاه عليه جعفر من القرآن الكريم من سورة مريم في أثناء الحوار الذي دار بينهما في شأن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وفي شأن مريم عليها السلام والله أعلم.
أين كان مقر النجاشي؟ وأين دفن؟
إن أصحمة كان ملكا على الحبشة عند مبعث رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكان مفهوم أرض الحبشة قديما أوسع مما عليه الآن، بل قد تتناول بعضا أراضي بعض الدول المجاورة في الوقت الحاضر. ومع ذلك كان مقر النجاشي في شمال أراضي أوروميا، بل في (تجراي) بالتحديد وقد ذكرت في بعض محاضراتي أن مقره كان في (أريتريا) ، والصحيح ما ذكرناه هنا، وهو آخر المعلومات. وقد أخبرني شاهد عيان أن قبره معروف في (تجراي) ، وإن كان القطران تجراي وأريتريا متجاورين كأنهما بلد واحد. وأما ما يقوله بعض الناس من أن مقره كان في شرق أراضي أورومو أو في بلد الصومال فخطأ فاحش، ويعد ذلك محاولة لتغيير حقائق تاريخية معروفة لدى العامة والخاصة.
أعود فأقول بعد هذا الاستطراد أن شعب أورومو على اتصال دائم بالجزيرة العربية، ولعل هذا مما ساعدهم على التمسك بدينهم واستماتتهم في سبيل المحافظة عليه. ولكن على الرغم من ضخامة عدده والحزم في تمسكه بدينه وأنه لا يبغي به بديلا، على الرغم من ذلك كله فقد عاش هذا الشعب نحو قرن منعزلا عن العالم ولا سيما العالم العربي والإسلامي، ويرجع سبب ذلك إلى الآتي: قد كان يتنافس في المنطقة عنصران اثنان:
١- العنصر الأمهري الذين يدين في الغالب بالدين المسيحي الذي دخل المنطقة بعد الإسلام بفترة طويلة.